العنوان: لقد اخترت المسار الذي فيه يمكنني ان اقول الحقيقه
صحافيه سودانيه تتحدث من المنفى عن قصتها مع القمع السياسي والمنفى ومحاولات
كلمات : الدمج
كنت قد غادرت السودان بطريقة دراميه!حياتي المرفهه التي كنت اعيشها كصحافيه وكاتبه قصة تعيش في شقة جميله انيقه بوجود سائق خاص وشغالة منزليه اختفت بصورة مباغته.
اتخذت قرار بمغادرة السودان نهائيا بعد ان نصحني صديق لي يعمل في منصب حساس بذلك..فغادرت بجواز مزور!كان احساس ان يلقى القبض عليك في مطار الخرطوم مرعبا..ولكنى وصلت الى مطار هيثرو امنه تصاحبني حالة ارتباك وعدم تركيز تصحبها مرارة في الحلق..قدمت طلب لجوء سياسي وانا لا املك ادنى فكرة عن ماهية الخطوة القادمه.وبدات عملية طلب اللجوء ووجدت نفسي في هوستيل خلال تلك الفترة تعلمت ان اعيش حياة جديده.
“لقد رايت التغير الايجابي الذى احدثته في نظرة الشباب الى امراه مسلمه”
الطريق الصعب
عمل الصحافى ليس بالشيء السهل في السودان.عندما بدات حياتي المهنيه عرفت فورا ان هناك اتجاهين في هذا الطريق الشائك..واحد يفضي الى نهاية امنه وسعيده عندما تكون موالي للنظام الحاكم.ولكن لاكثر من سبب احترت الطريق الاخر الذي يتعارض مع الاول تمام ويفضى الى الاعتقال والنفى في اخر المطاف.
منذ ان هبط المشير عمر البشير الى السلطه عام 1989 قادما من صفوف الجيش عبر انقلاب عسكري والسودان يعاني الويلات وتم عزله خارجيا بسبب سياسة الشريعه الاسلاميه التي تضعها الحكومه كواجهة سياسية انيقه تخفي ديكتاتورية العسكر المتغلغلة في جذور الدوله ففرضت سياسات خارجيه صارمه على السودان وتمت مقاطعته اقتصاديا وسياسيا.
وبالرجوع الى هذه الخلفيه العسكريه التي تعتمد سياسية البوت العسكري لم يكن من السهل التعاطى مع حرية الصحافه والاعلام باعتباره المراه التي تعكس الحقيقه لعامة الشعب فكان امام الطبقه المستنيره في السودان مهة ليست بالسهله في مواجهة الية القمع الفكري التي تتبعها الدولة العسكريه.
رفع مستوى الوعي
بدا شغفي بالعمل الصحفي منذ صفوف دراستي الجامعيه بجامعة الخرطوم حيث اسست صحيفة حائطيه اسمها(الوعي)كنت اقوم بالصاقها في بوردات شارع المين الذي يعتبر ساحة النشاط الطلابي والمكان الذي يتم فيه تلاقح الافكار السياسيه والثقافيه.كنت اتحدث عن حوجة الجامعه للاتحاد الذي تم حله قسريا وعن الاوضاع المترديه التي يعيشها طلاب الجامعه داخل سكن الطلبه الحكومي الذي لم يكن مجانيا بحتا حتى!.
امضيت عشرة سنوات وسط الاجواء الاعلاميه متنقله بين الاذاعة والتلفزيون والصحافه وكنت قد انتقلت في العام2007 الى العاصمة الخرطوم لالتحق بركب صحافيو الراي العام في القسم السياسي وحتى في ذلك الوقت كانت الصحافه تعيش واقعا سيئا حيث كانت الحكومه قد فرضت الرقابه القبليه على الصحف والتى مكنتها من قراءة محتوى الصحيفه قبل النشر يوميا وحجب ماتراه ليس مناسبا مع سياساتها.
طوال تلك الفتره كنت قد اصدرت كتابين الاول (صولجان من خشب)وهو يحكى عن المجتمع السوداني الذي يتعايش مع الفقر والقمع.ثم اصدرت روايتي (صمت فضائحي)عام 2013 والتي ناقشت مشاكل الصحه النفسيه التي يعاني منها الشباب السوداني بسبب الفقر والبطالة وتحجيم الحريات واغتيال الاحلام.
كنت قد عقدت شراكة مع موسسات خاصة لدعم معهد النور للطلاب المكفوفين وهو مدرسه حكوميه تشكو من البؤس والاهمال فكرتي كانت التبرع لهم عبر مشاركتهم احتفالي وتسليط الهضواء على موسساتهم ونحجت الفكره لكنها احرجت الحكومه التى استدعتني بصورة وديه في البدايه ثم تطورت الى الشكل الذي غاردت به مخلفة قلم وقلب مكسوران.
كنت قبل ان اغادر قد تم فصلي من صحيفتي التى كنت اعمل بها دون اسباب وتم منعي من حقوقي الماليه مستغلين فترة غيابي مع والدي للعلاج من سرطان البروستات في مصر رغم انى سافرت باجازة بدون مرتب.بعد عودتي نظم اصدقائي وقفة احتجاجيه مع امام مجلس الصحافه والمطبوعات واتحاد الصحافيين وهي جهات حكوميه بحته تخدم التوجه
الحكومي.
انا اعلم ان كثير من الصحافيين يعملون وسط اجواء غير صحيه للانتاج واداء مهمتهم ورسالتهم الساميه..اعلم تمام ان معظم الشرفاء خارج اسوار العمل ومن يملك قلما يكتب بخوف شديد ويمشي بحذر خوفا من ان يخدش هامش الحريات المخول له سهوا او عمدا فينال عقابا رادعا!.
قرات كثيرا عن ادب المنفى لكني لم اتصور نفسي يوما في المنفى.. بعد حصول يعلى الاقامه غادرت يوركشير الى مدينة بريستول لانها مدينة متعددة الثقافات والاعراق والديانات وبها جالية سودانيه كبيره..ولكنى واجهت صعوبات تاقلم كبيره سببها عدم قبول الاخر لك بدون سبب واضح.
حياة جديده
بدات بتاسيس مهنة جديده هنا عبر اكمالي دبلوم مساعد تدريس للمدارس عبر اشلي هاوسنغ في محاولة للوقوف على قدمي من جديد..كنت قد بدات العمل الطوعي مبكرا مع مختلف الموسسات ومازلت اعمل مع لورنا لي كقائد للفتيات في منظمة تهتم بالفتيات من عمر خمسه سنوات الى 15عام وتقوم بدور توجيهي وتعليمي مميز كمنظمه عالميه طوعيه.بعد اكمالي للدبلوم بدات ابحث عن موطىء قدم واقدم للوظائف بشكل شبه يومي ولكن التمييز يظل عقبه كبيره امامى الرفض المجهول بلا اسباب مقنعه..لعله الاحساس الاسواء على الاطلاق ان يرفضك الاخرون بدون سبب مقتع او بدون اسباب اصلا..كثيرا مافكرت وقلت كم هو جارح!ان ينسى الاخرون انك انسان تحمل قلبا واحساسا وكرامة!كثيرا منهم لاتيصورون انك كنت تمتلك حياة حقيقه قبل انا تاتي الى هنا هم ينظرون اليك فقط على اساس انك لاجىء.ولكن هذا لاينفى وجود بعض الاشخاص الذيت كانوا نقطة الضوء اتي اضاءت كل العتمه التي كانت حولى وتقبلوا وجودي من اول مقابله..انا حقيقة ممتنه كثيرا لهم.
Report a comment. Comments are moderated according to our Comment Policy.